المركز الدولي للتدريب والأبحاث المركز الدولي للتدريب والأبحاث
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

النظام الجبائي دعامة أساسية لتمويل النموذج التنموي الجديد

 


تقرير حول ندوة وطنية بعنوان: "النظام الجبائي دعامة أساسية لتمويل النموذج التنموي الجديد

من إعداد: عثمان التادلي

طالب باحث بسلك الدكتوراه

كلية العلوم القانونية والاقتصادية

والاجتماعية السويسي- الرباط

نظم المركز الدولي للتدريب والأبحاث يوم 23 يوليوز 2022 ندوة وطنية في موضوع النظام الجبائي دعامة أساسية لتمويل النموذج التنموي الجديد، وقد كانت أول مداخلة للأستاذ بوعزة كريم الذي تطرق إلى أهم الإصلاحات التي عرفتها الجبايات المحلية، فقد كان الإصلاح ضروريا لتجاوز القواعد التي صدرت قديما وجعل النظام الضريبي بسيطا وتجاوز التعقيدات وتوسيع الوعاء الضريبي، وقد تطرق إلى المحطات  التي عرفها الإصلاح منذ السبعينات، حيث تمت تعديلات عن طريق قوانين وذلك في أربع محطات، والتي من أبرزها المناظرة الأولى التي كانت في أواخر السبعينيات، بحيث تم تعيين لجنة من طرف صندوق النقد الدولي لتجاوز الظرفية الصعبة، وقد نتج عن ذلك قانون إطار صدر بتاريخ 23 أبريل 1984، وتزامن مع التقويم الهيكلي لسنة 1983 الذي كان الهدف منه تقويم المالية العمومية واللجوء إلى سياسة التقشف المالي، للتمكن من التقليص التدريجي لعجز الميزانية، بعد ذلك جاءت المناظرة الوطنية الأولى والتي تم من خلالها تسطير خارطة الطريق للإصلاح الذي انصب حول السياسة الضريبية والإدارة الضريبة وتمت التوصية بإلغاء النظام الضريبي النوعي المطبق على الأفراد، والاستعاضة عنه بضريبة عامة على الدخل تطبق على الأشخاص الطبيعيين، وإحداث ضريبة على القيمة المضافة بدلا من الضريبة على المنتوجات والخدمات، رصد حصيلة بعض الضرائب لتمويل النفقات الجماعات المحلية، وقد تم ذلك في إطار توجيه من الخطب الملكية السامية، وكذلك قانون المالية لسنة 2000 و 2004 و 2005 و 2006، وكذلك المدونة العامة للضرائب التي تم إصدارها في 2007 والتي تم إدراج مقتضياتها في قانون المالية لسنة 2007، وقد واكبها الإصلاح الإداري.

وقد كانت أهم الإصلاحات الجبائية المحلية في ظل القانون 30.89 الصادر بتاريخ 21 نونبر 1980، وشكل أهم إصلاح في إطار مدونة للجبايات المحلية سواء في إطار ظهير 1962 المتعلق بالرسوم الجماعية أو تلك المتعلقة بالضرائب والرسوم التي تم إحداثها، وقد تضمن هذا القانون ما مجموعه 40 نوعا من الضرائب والرسوم على مختلف أصناف الوحدات الترابية الإدارية المحلية، وقد توزعت على مختلف الوحدات وهي الجماعات المحلية والعمالات والأقاليم وعرف مجموعة من التعديلات أهمها إنشاء جبايات جديدة للجهات. 

بعد ذلك جاء إصلاح 47.06 الصادر بتاريخ 30 نونبر 2007، وجاء مواكبة للتطورات التي عرفتها اللامركزية والذي دخل حيز التنفيذ في فاتح يناير سنة 2008.

كما أنه كان القانون الإطار 69.19 الذي كان سنة 2019، وقانون 07.20 الذي جاء ليعدل ويتمم القانون 47.06 المتعلق بالجبايات المحلية ويروم إلى ملائمة نظام الجبايات المحلي مع التحولات التي عرفها مسلسل اللامركزية، وهو يشكل لبنة أولية لبناء نظام جبائي محلي في توافق تام مع القانون الإطار، وذلك من أجل ملائمة منظومة الجبايات المحلية مع محيطها القانوني، وكذلك مراجعة وعاء بعض الرسوم المحلية وثالثا تحسين عملية استيفاء الرسوم المحلية.

أما المداخلة الثانية فقد كانت للأستاذ محمد بن فارس والتي كانت تحت عنوان النهوض بالنظام الجبائي المحلي رافعة للنموذج التنموي، بحيث تناول في المحور الأول الإطار العام للجبايات المحلية ورهانات الإصلاح، في حين تطرق في المحور الثاني إلى سبل تحقيق نظام جبائي محلي لتمويل أهداف النموذج التنموي الجديد.

وقد أكد على أن الدور التنموي للجبايات بالمغرب قادر على تقليص التفاوتات وتحقيق التماسك الاجتماعي، لهذا لا ينبغي حصره في الجانب الاقتصادي فقط، وإنما يجب إعطاء أهمية كبرى للتنمية الاجتماعية الشاملة، كما أنه لابد من أسس فلسفية تروم تغيير العقليات والقطع مع مفهوم الضرائب بدون تنمية، والانتقال من الضريبة في بعدها المالي إلى ضرائب في بعدها التنموي، ولا يمكن تحقق ذلك دون تعدد الفاعلين، ومنه يمكن أن يتم طرح تساؤل حول كيفية تشكيل النظام الجبائي المحلي لنموذج اللامركزية أو للنموذج التنموي من خلال قدرته على المساهمة في الاستقلالية التدبيرية والمالية للجماعات الترابية بصفة عامة.

إن الجبايات المحلية لا تحتل أهمية في إطار البرامج التي تروم تحقيق اللامركزية، فالاعتراف بالاستقلالية المالية للجماعات المحلية بعيد عن الواقع، حيث أن النظام الجبائي المحلي مر بمجموعة من المراحل، فقد كانت البدايات الأولى منذ دخول الاستعمار إلى المغرب، حيث حاولت السلطات الاستعمارية بمجرد توقيع معاهدة الحماية سنة 1912 تجاوز الممارسة التقليدية في تدبير الشأن الجبائي المحلي، وبإصدار عدة قوانين منظمة للمالية المحلية، حيث أن أول إصلاح شامل سنة 1984، والذي ضمن مجموعة من الإصلاحات الهيكلية، حيث أرسى أهم مكونات النظام الجبائي الحالي، وانتقل به من نظام تقليدي غير مستقر إلى نظام حديث، الهدف الأساسي الذي تجلى في تسخير الآلية الجبائية لخدمة الدين العمومي والذي انتقل إلى مستويات خطيرة ومن تم التحكم في التوازنات المالية والماكرو اقتصادية للمالية العامة للدولة، ومن خلال ما تم التطرق إليه فقد شهدت الجبايات المحلية مجموعة من التطورات والإصلاحات وذلك بهدف ملائمتها مع محيطها التدبيري، وذلك يتأتى بشكل تدريجي انطلاقا من القانون 30.89 المحدد بموجبه نظام الضرائب المستحقة لفائدة الجماعات المحلية وهيئاتها مرورا بالقانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية ثم القانون 39.07 المتعلق بالرسوم والحقوق والأتاوى وصولا إلى القانون الإطار 07.20 المغير والمتمم للقانون رقم 47.06 ، حيث أن المغرب انخرط منذ عدة سنوات في بناء دولة ديمقراطية حديثة، وقد شهد دينامية قوية باعتماد دستور 2011، وفي هذا السياق يعد إنشاء سياسة ضريبية قرارا لا محيد عنه لإنجاح هذا التوجه، وقد تعرض الدستور لهذه المسألة في الفصلين 39 و75 بصفة واضحة، فكرس المساواة أمام الضريبة وخول لممثلي الأمة داخل البرلمان الاختصاص العام في مجال سن الضرائب عبر التصويت على قانون المالية حيث أن الأهمية القصوى التي يكتسيها إصلاح نظام الجبايات المحلية تنبع من ضرورة إدخال التعديلات الجوهرية التي تضمن الحصول على نظام جبائي فعال مرن عصري يواكب أهداف النموذج التنموي والتوصيات في إطار المناظرة الوطنية للجبايات.

ومن أجل تجاوز كل الإكراهات والعوائق التي تواجه الجبايات على المستوى المحلي وما ترتب عنها من نتائج سلبية أكدها معظم الفاعلين في الميادين الجبائي وكذا ما صدر من تقارير حول تشخيص منظومة الجبايات المحلية، فبناء على مجموعة من التقارير في هذا الاتجاه تم الوقوف على مكامن الضعف والخلل التي تعتري المنظومة الجبائية المحلية التي أكدت وجود مجموعة من الاختلالات خاصة التعقيد والغموض منها ما هو قانوني، ومنها ما هو تدبيري التي تحول دون تحقيق المردودية الجبائية المحلية، هذا ما دفع جل الفاعلين والمتدخلين في الشأن الجبائي والمالي إلى المطالبة بالإصلاحات الجوهرية للمنظومة الجبائية ككل وخاصة المحلية والعمل على اعتبارها مصدر ذا أهمية من مصادر التمويل المحلي والوطني لتحقيق الأهداف التنموية المنشودة منها، وضرورة اعتماد مقاربة جديدة لإدارة الجباية والخضوع لتوصية وملاحظة المجلس الجهوي للحسابات لإنجاح هذه العملية وكذلك مخرجات المناظرة الوطنية، وفي هذا السياق وبعد مرور ثلاثة عقود على الإصلاح التأسيسي ونظرا لمجموعة من الاختلالات التي أصبح يعاني منها النظام الجبائي المغربي، وأمام تزايد حجم النداءات من طرف المهتمين بالشأن المحلي والمالي وبضرورة التعجيل بإصلاح المنظومة الجبائية لمواجهة آثار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وجدت السلطات العمومية نفسها مضطرة للترويج لإصلاح جبائي جديد، وقد شهدت الجبايات المحلية على مر السنوات بالمغرب تطورات، وذلك في سبيل ملائمتها مع اللامركزية الذي انخرط فيه بلادنا، وجرى تعزيز ذلك بإصدار القانون 30.89 والقانون 47.06 والقانون 39.07 وصولا إلى القانون 07.20، حيث عرف المغرب عدة إصلاحات استهدفت تعزيز موارد الجبايات المحلية خاصة خلال القانون رقم 30.89 الذي أحدث 37 رسما وتمت مواصلة الإصلاح سنة 2008 في إطار القانون 47.00 والقانون رقم 39.07 مما تمخض عنه نظام ضريبي محلي يتضمن 17 رسما و 13 واجبا .

دوافع الإصلاح الجبائي، ففي ظل تهاون المشرع المغربي وعوض القيام بإصلاحات شاملة للمنظومة الجبائية المحلية مباشرة بعد صدور القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، وبعد أكثر من ست سنوات من الانتظار من أجل إصدار قانون متمم ومغير لم يقدر على تجاوز إكراهات المنظومة الجبائية، فمن دواعي المطالبة بالإصلاح والنهوض بالنظام الجبائي المحلي ينطلق من طبيعة وواقع تشخيص الوضعية الجبائية، ومن الثغرات التي حملتها قوانين المنطومة الجبائية المحلية وتلك التي أبان عنها تطبيقها على أرض الواقع وما صاحبها من تلك الإكراهات التي حالت دون تنزيلها بالشكل الذي يحقق الأهداف، وهناك اعتبارات أخرى قد فرضت بشكل موضوعي وملح ضرورة التفكير في الإصلاح، وذلك لمواكبته لمناهج التوسيع الجهوي وتعميق الديمقراطية المحلية على مستوى الإدارة الجبائية المحلية، نقائص على مستوى التنظيم وخصاص في الموارد المادية وغياب هيكل إداري تنظيمي، كما أن الإدارة الجماعية ليست مستعدة لممارسة الصلاحيات المخولة لها بشكل كامل، ولا تتوفر على الخبرة الكافية والتأطير والوسائل البشرية الضرورية لتدبير الوعاء المتعلق بالرسوم والأتاوى على مستوى المديرية العامة والخزينة العامة، وتتجلى كذلك أوجه القصور البنيوية والتي يتعين معالجتها من خلال مقتضيات تنظيمية ترمي إلى تحقيق الانسجام والترابط الأمثل بين أدوار مجموع الفاعلين وتحديد نطاق مسؤولية مختلف الإدارات، حتى لا يكون هناك تداخل في الاختصاص في تحصيل الجبايات ولا تكون ازدواجية التحصيل، مع إبقاء الأهداف المسطرة على مستوى المؤسساتي والاستراتيجي والاقتصادي والاجتماعي الواجب تحقيقها وطنيا وحليا هذا في ما يخص الإدارة الجبائية.

أما على مستوى التحصيل، فبالرغم من كون الإصلاح الجبائي الجديد هدف إلى ملائمة علمية فإنه لازالت هناك مشاكل أهمها الباقي استخلاصه، حيث يشكل هذا الأخير عقبة في تنمية الجماعات الترابية  في كونها مؤشر سلبي على الوضعية المالية للجماعات الترابية بلا شك، والتي تؤثر كذلك على التقديرات السنوية التي تبقى مرهونة بتحصيل أو عدم تحصيل مداخيل الجماعات.

وعلى مستوى أصناف الجبايات لتقوية موارد الجبايات وتمكينها من المداخيل الكافية من أجل القيام بالأدوار التنموية المحددة لها، من الضروري أن يتم إحداث رسوم جديدة لحماية البيئة.

أما بالنسبة لسبل تحقيق نظام جبائي محلي لتحقيق أهداف النموذج التنموي الجديد، حيث يشكل القانون 07.20  بتغيير وتتميم القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية والذي تم نشره بالجريدة الرسمية مرحلة أولية لإصلاح النظام الجبائي المحلي في انتظار صدور أو في علاقة بصدوره بالقانون الإطار رقم 96.16، كذلك من مخرجات المناظرة الوطنية للجبايات المحلية، يرتكز هذا القانون على المحاور الثلاثة منها أولا ملائمة منظومة الجبايات المحلية مع محيطها القانوني ومراجعة القواعد وعاء بعض الرسوم المحلية والرفع من الموارد الذاتية للجماعات الترابية، ورابعا تحسين عملية تحصيل بعض الرسوم المحلية وخامسا مراجعة التحفيزات الجبائية، كما أن القول بضرورة خلق تصور جديد للإصلاح الجبائي الترابي كونه شرط لتحقيق اللامركزية وتسريع مسلسل التنمية والتدبير الحر للمصالح المستقلة للجماعات الترابية، يبقى بدون معنى إذا لم تتوفر هذه الأخيرة على موارد مالية ذاتية ، فقد عانى النظام الجبائي المحلي منذ الاستقلال مشكلة المردودية والعدالة وهو ما حال دون أن تشكل الجباية المحلية أداة لخدمة التنمية الاقتصادية  والاجتماعية بالرغم مما عرفه هذا النظام من إصلاحات انطلاقا من ظهير 23 مارس 1963 ثم إصلاح سنة 1976 مرورا بإصلاح القانون 30.89 وإصلاح 74.06 والقانون 04.20، لا يمكن تحقيق نموذج تنموي دون تحقيق عدالة جبائية ترابية ودون سهولة وشفافية تصفية جبايات الجماعات الترابية وكذلك توسيع السلطة الجبائية للجماعات الترابية ثم عقلنة عملية تحسين الجبايات. 

أما بالنسبة لمداخلة الأستاذة نوال بنائم، فقد كانت بعنوان إشكالية العدالة الجبائي كآلية لتحقيق أهداف النموذج التنموي، ينبني النموذج التنموي على مجموعة من الرهانات ومن بينها رهان العدالة الجبائية، فباستقراء تقرير لجنة نتج نجدها تتحدث بخصوص النظام الضريبي على مجموعة من الإشكالات من بينها أن هذا النظام الجبائي المغربي هو غير عادل وغير منصف، وأنه توجد اختلالات شاسعة وتفاوتات في تقسيم الضرائب بالإضافة إلى كون التحفيزات الضريبية شاسعة وغير معقلنة، ولهذا فتقرير النموذج التنموي حث على ضرورة تكريس العدالة الجبائية،  وقد قسمت الأستاذة مداخلتها إلى محورين، بحيث تناولت في الأول منهما مظاهر انعدام العدالة الجبائية في النظام الضريبي المغربي،  في حين تناولت في المحور الثاني الآليات والسبل لتعزيز آلية جبائية كآلية لتحقيق أهداف النموذج التنموي الجديد.

ففي المحور الأول تناولت الأستاذة الباحثة المساواة في الحقوق من الناحية الضريبية، بحيث يساهم الجميع في أداء الضرائب حسب مقدرته المادية وحسب دخله وأن يساهم في أداء الضريبة بطريقة تتناسب مع الدخل، يمكن القول هنا أن العدالة الضريبية لها عدة أوجه، أولا أن الملزمين الذين لهم نفس الدخل يجب أن يأدوا نفس المقدار من الضرائب، ثم العكس وهو أن الملزمين الذين لهم دخول غير متساوية ومتفاوتة يجب أن يؤدي كل واحد منهم الضريبة على حسب النسب التي تتناسب معها، والوجه الثالث وهو أن من لا دخل له يجب أن يؤدي الضريبة، من هنا نجد أن هناك نقطتين أساسيتين سنتطرق إليها في خلال هذا المحور الأول وهما أنه كوجه من أوجه انعدام العدالة الجبائية والتحفيزات الجبائية والإعفاءات الضريبية التي هي بدورها وجه من أوجه انعدام العدالة الجبائية الذي يرتبط مباشرة بالعدالة الضريبية، وهو سبب رئيسي رفض الملزم بالضريبة، لأن الملزم الذي يرى أن هناك ضغط ضريبي عليه سينتقل من مرحلة الالتزام الجبائي بأداء هذه الضريبة عن طواعية واختيار إلى مرحلة عدم الالتزام الجبائي والتهرب الضريبي، في نفس الوقت الدخل الضريبي هو مؤشر رئيسي لتنمية أي دولة، وهو عامل أساسي يؤثر بطريقة أساسية على القدرة الشرائية للفرد وعلى عرقلة الاستتمارات، وهناك عدة تعاريف للضغط الجبائي، وهناك تعريف لمنظمة التنمية والتعاون الذي عرفته أنه العلاقة بين الإرادة الضريبية والناتج الداخلي الخام، وقد عانى النظام الجبائي المغربي من الضغط الجبائي، ذلك أنه تتمركز نسبة كبيرة من الضرائب على شريحة معينة من الملزمين، وهم الملزمين ذوي الدخول المتوسطة أو الأقل من المتوسطة، الأجراء، الموظفين الذين تقتطع لهم الضريبة من المنبع ثم المستهلك المباشر فيما يخص الضريبة على القيمة المضافة الذين هم المستهلكين المباشرين والذين يؤدون ضريبة على القيمة المضافة، بينما نجد الملزمين الآخرين الذين سنسميهم فئة الملزمين الكبار الخاضعين للضرائب والذي يقل عددهم عن الأشخاص الذاتيين الملزمين بأداء الضرائب، بل يخضعون لنسب أقل من الضرائب.

وقد تناولت الأستاذة أيضا التحفيزات الجبائية والتي هي استثناء من القاعدة الضريبية، لأن الأصل في القاعدة الضريبية أن تفرض الضرائب على كل ملزم، لكن الاستثناء أن يعفى هذا الملزم من هذه الضرائب، ويمكن القول بأن التحديثات الجبائية هو تخلي الدولة عن جزء من إرادتها الضريبية من أجل دعم قطاع إنتاجي لفئة معينة من الملزمين ، وتتخذ التحفيزات الجبائية عدة أشكال وأولها الإعفاء من الضريبة أو الأداء الذي يمكن أن يكون دائم أو مؤقت، دائم وهو الموجود في المدونة العامة للضرائب، ويمكن أن يكون إعفاء مؤقت يتغير سنويا بمقتضى قوانين المالية السنوية التي تسمح بسن الضرائب لمدة سنة، ثم عندنا الخصم الذي يمكن أن يكون دائم أو مؤقت يتغير من سنة إلى أخرى، متى تصبح التحفيزات الجبائية وجه من أوجه انعدام العدالة الضريبية عن طريق خروج التحفيزات الجبائية عن الهدف المتوخى منها والذي هو جلب الاستثمار والقضاء على البطالة  وتوفير فرص الشغل وتصبح هذه الاحفيزات والإعفاءات الضريبية تمس بمبدأ الحياد والمساواة الذي هو أساس العدالة الجبائية في النظام الضريبي، عن طريق التباين الواضح في الإعفاءات الضريبية والامتيازات التي تمنح لشريحة معينة، حيث نجد أن المقاولات هي التي تتمتع بالامتيازات والإعفاءات الضريبية أكثر من الفئة الأخرى .

أما في المحور الثاني من مداخلة الأستاذة فقد تم التطرق إلى آليات وسبل تكريس العدالة الجبائية من أجل تحقيق أهداف النموذج التنموي الجديد، وذلك من خلال القضاء على العبء الضريبي عن طريق تبسيط أسس احتساب الضريبة وتوحيد طريقة فرضها والأخذ بمبدأ عمومية الضريبة من خلال فرض الضرائب على جميع الأشخاص كل حسب دخله، كما لا يجب الإكثار من الضرائب، كما أنه لابد من توسيع الوعاء الضريبي لتكريس العدالة الجبائية وحث الملزم على أداء ضرائب عن طواعية واختيار، فبالنسبة للتحفيزات الجبائية فإنه يجب فرضها بشروط وبوقت محدد وقصير وتقييم آثارها الإيجابية والسلبية وتعويضها بالدعم المقدم من قبل الدولة، وكذلك تكريس الشفافية الجبائية وتقريب المعلومة له .

أما المداخلة الرابعة فقد كانت للأستاذ ياسر بوكلاطة الذي تطرق إلى فعالية القانون الجبائي في تمويل النموذج التنموي بالمغرب، بحيث انطلق من كون أن النظام الجبائي المغربي عرف في الآونة الأخيرة طفرة مهمة من ناحية الإصلاحات التي شهدها، وهي كانت سلسلة من الإصلاحات تم التطرق إليها في المداخلات السابقة، وهذه الإصلاحات اندرجت في إطار تبسيط المنظومة، ومن تم انخرط المغرب في دينامية التفكير كان أساسها بناء نموذج تنموي جديد ينبني على نظام جبائي متين يستجيب لتطلعات وانتظارت الأفراد والمجتمع، وبالتالي تم الرفع من فعالية النظام الجبائي من خلال ربطه بالمحددات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهي محددات رئيسية لا يمكن وضع أي إصلاح دون تحديد الأولويات في هذه المحددات، فهذه المحددات تلعب دورا رائدا في تشكيل الهيكل الضريبي، وتعتبر القاعدة الرئيسية لحصول التنمية المنشودة لأي استراتيجية أو سياسة عمومية والنموذج التنموي هو سياسة عمومية طويلة الأمد وقصيرة الأمد ومتوسطة الأمد، وفي هذا الصدد أصبح من الضروري الدعوة إلى اعتماد نظام جبائي منصف وفعال للدفع بعجلة الاقتصاد والتي لن تستقيم إلا بالتنزيل الأوراش التنموية خصوصا ذات الأثر المباشر على نمط حياة الأفراد وهذا لن يتأتى إلا من خلال ضرورة إجراء تحولات كبرى لا يمكن بدونها للمغرب أن يضع أسس نموذج تنموي جديد ولا يحقق الارتقاء الذي يرنو إليه.

وقد انطلق الأستاذ من إشكالية مفادها إلى أي حد يمكن القول أن النظام الجبائي المغربي هو نظام جبائي قادر على توفير فرص النجاح للنموذج التنموي الجديد، وهذه الإشكالية تمت معالجتها انطلاقا من الفرضية التي مؤداها أن النموذج التنموي الجديد يحتاج إلى فعل استثماري، وهو يجد سنده في الآليات التدبيرية التي يتمتع بها النظام الجبائي، ولمعالجة هذه الإشكالية، تناول الأستاذ محورين، بحيث خصص المحور الأول إلى رهانية الفعالية في إطار نظام جبائي مغربي، قراءة في التحديات، في حين خصص المحور الثاني إلى مساهمة النظام الجبائي في تمويل النموذج التنموي قراءة في التدابير والآليات.

انطلق الأستاذ من كون النظام الجبائي يشكل ميكانيزم الفعالية رافعة أساسية في خدمة التنمية ومؤشرها لقياس أبعادها على المجتمع، ويتعلق الأمر هنا بتعبئة المداخيل من أجل تمويل السياسات والاستثمارات العمومية، إلى جانب توجيهها لصالح التضامن والابتكار، وهو الأمر الذي يتطلب من مختلف الفاعلين دعم هذا الانخراط القوي الذي أبان عليه المغرب في مضامين النموذج التنموي الجديد، إلا أنه بالرغم من حصول نوع من التقدم في هذا الاتجاه، إلا أنه مازالت تعترضه مجموعة من التحديات تقف أمام التنزيل السليم على أرض الواقع، والتي من الضروري الوقوف على هذه التحديات لكي نحاول إعطاء توصيات لتجاوزها، وهذه التحديات سوف تتم معالجتها من خلال ملاحظات، الملاحظة الأولى متعلقة بإشكالية الإنصاف في النظام الجبائي المغربي، فعلى الرغم من الإصلاحات فإن هناك عدة مؤشرات تدعم هذه الملاحظة على سبيل المثال ظروف الانخراط في الضريبة، وتفشي الممارسات المتعلقة بالتهرب الضريبي وتعدد الإعفاءات، مما ينتج عنه ضعف في التمويل بالنسبة للقطاعات الاجتماعية والتي هي الهدف الرئيسي للنموذج التنموي.

أما الملاحظة الثانية فهي متعلقة باستمرار حالة عدم الاستقرار داخل النظام الجبائي المغربي، وهي ملاحظة تتبين لنا من خلال التغيير الذي يحدثه النظام الضريبي كل سنة والذي قد يكون نتيجة ضغط ممارس للحفاظ على مصالح فئوية، مما يهدد عنصر الانسجام التي يقوم عليها النظام الضريبي بصفة عامة.

وبالنسبة للملاحظة الثالثة فإنها تتعلق بغياب لروح المواطنة الضريبية، وهي متمثلة في عدم قبول أداء الضريبة وذلك مرده إلى إحساس الخاضعين للضريبة بالقهر الاقتصادي من طرف الدولة، وهي فكرة تجد سندها في الصراع الذي كان بين السلطة الفارضة للضريبة و الأفراد الخاضعين لها وكذا اعتماد نظام جبائي مغربي لمبدأ الإقرار وهو ما يجعل الكثير لا يقدم إقراراته الضريبية.

أما الملاحظة الرابعة فهي تتجلى في الطابع المعقد للنظام الضريبي مع تسجيل الضعف في فعالية بعض الضرائب والاقتطاعات، مما ينتج عنه غياب الانسجام والحكامة، وهي نقط رئيسية تساهم في خلق نوع من التعقيد الضريبي، ولتجاوز هذه التحديات التي تم الخوض فيها أصبح البحث عن آليات واستراتيجيات لتجاوزها ضرورة ملحة من أجل اللحاق بالركب الذي يشكل نظام جبائي وحكامة هو قطب الرحى لأي إصلاح منتظر، فتمويل السياسات العمومية المزمع تفعيلها يتطلب السهر على تفعيل مجموعة من الإصلاحات، سوف نتطرق إليها من خلال النقط التالية، وهذه الإصلاحات من الضروري العمل بها من أجل أن يكون للنظام الضريبي فعالية في التمويل.

النقطة الأولى التي تنبني عليها النقط اللاحقة وهي المتعلقة بتعبئة كامل الإمكانيات الضريبية التي من شأنها تمويل السياسات العمومية التي يهدف إليها النموذج التنموي الجديد عبر إعطاء الأولوية للاستتثمار الداخلي والخارجي على حد سواء.

النقطة الثانية وهي تهم توسيع الوعاء الضريبي من خلال توسيع الأشخاص الخاضعين للضريبة بما في ذلك القطاع الغير مهيكل من خلال فرض ضريبة جزافية، مقابل منح بعض الامتيازات الاجتماعية خصوصا التغطية الصحية والتعويضات العائلية .

النقطة الثالثة متعلقة بإرساء ميثاق ضريبي وتروم هذه المقاربة تيسير ضبط النظام الجبائي في شموليته من خلال إضفاء الطابع القانوني على المعايير والأسس الضريبية وتعزيز المراقبة الضريبية سواء على معايير الاستهداف أو كيفية التنفيذ.

النقطة الرابعة تعتمد على قاعدة الثلث بموجبها يقترح توزيع كل ارتفاع لحجم المداخيل الضريبية التي تتجاوز 3 في المئة والتي تعتبر نسبة ضرورية للحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية وتمويل السياسات العمومية على النحو التالي : ترشيد الثلث كمبلغ إضافي لتعزيز ميزانية التمويل العام للسياسات العمومية وتخصيص الثلث لرفع الصندوق الاجتماعي مما يعززقدرات التمويل التي تتيحها أنظمة التغطية الاجتماعية وهو ما يلح النموذج التنموي في ورش الحماية الاجتماعية المزمع تفعيله على المدى المتوسط والطويل.

النقطة الخامسة تتعلق بتعزيز الإنصاف في النظام الضريبي لضمان مساهمة جميع المواطنين كل حسب قدراته في المجهود الجماعي لتمويل النفقات العمومية التي تحتاجها برامج التنمية المنصوص عليها في النموذج التنموي الجديد، فمبدأ التضامن هو ركيزة لا محيد عنها لخلق الثروة وتدوير عجلة الاقتصاد الوطني.

أما في المحور الثاني، فقد تطرق الأستاذ إلى مساهمة النظام الجبائي في تمويل النموذج التنموي قراءة في التدابير والآليات. 

يتطلب النموذج التنموي الجديد تعبئة موارد مالية ضرورية لإطلاق تفعيله، مع وضع استراتيجية في التمويل حسب ما ورد في هذا التقرير على أن عملية الانطلاق الأولي تحتاج إلى أربعة  في المئة من الناتج الداخلي الخام السنوي، ونسبة 10 في المئة في المرحلة الثانية في أفق سنة 2030، وهذا ما ورد التنصيص عليه في تقرير النموذج التنموي، إذ أن البرامج ذات الطابع الاجتماعي نجاحها رهين بمدى توفر التمويل القادر على تعميمها على مختلف الشرائح الاجتماعية إذ بتفحص استراتيجية التمويل يتبين أن التقارير الصادرة تراهن على أن مرحلة الانطلاق سوف يتم تحفيزها من طرف الدولة كمرحلة أولى والتي تسعى إلى ضمان شروط هذا التمويل من طرف القطاع الخاص خصوصا وما سيضعه الإصلاح الضريبي في التأثير على فعالية القطاع الخاص في إنتاج الثروة، وتنطلق هذه الإستراتيجية في التمويل من فرضية أن الإنطلاقة الناجحة ستمكن من إحداث دينامية إيجابية تؤهل النموذج التنموي الجديد في خلق موارد إضافية وبالتالي الوصول إلى التمويل الذاتي للمشاريع المقترحة، فدينامية الإصلاح سوف تؤثر إيجابيا في القدرة على تعبئة الموارد العمومية من جهة وبالموازاة مع ما سوف توفر أوراش رئيسية للنموذج التنموي الجديد للمساهمة في الناتج الداخلي الخام من جهة ثانية كما أن الدينامية الاقتصادية المتوقع تحقيقها حسب التقارير الحكومية من شأنها إنعاش المداخيل الضريبية من أجل الوصول إلى التمويل المنتظر دون الحاجة إلى تمويل الدولة دون إغفال أنه بالرغم من الكلفة المالية المرتفعة حاليا لعملية التمويل، إلا أنه وجب النظر على المدى البعيد في الأخذ بمبدأ المنفعة المرجوة في المستقبل القريب والبعيد للأوراش التنموية خصوصا الاجتماعية منها، والشيء المثير للانتباه في مسألة التمويلات هو أنه من الممكن الرهان على الاستفادة من التجارب المقارنة في هذا المجال خصوصا تلك التي لديها خصوصيات مثل المغرب والاستفادة من التقييمات لإغناء النقاش وتثمينه.

فالتمويل الضريبي سيمكن من تحقيق آثار التنمية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي من خلال:

- تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية وهي بالأساس بروم تحقيق العدالة الاجتماعية بين المكلفين بدفع الضريبة عبر الاستناد بالأساس على المقومين التاليين:

- الفصل بين الشخص المعنوي والطبيعي، إذ يخضع الشخص الطبيعي للضريبة على الدخل، في حين يخضع الشخص المعنوي للضريبة على الأرباح مثل الشركات

- توسيع الحقل الضريبي مع العمل على التوازن بين الإعفاءات وفرض الضريبة، مما سيكون معه النظام الضريبي أقوى وقادر على التمويل، أما في ما يخص الشق الاقتصادي فهو يروم تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية وتوسيعها بشكل يحترم العدالة المجالية 

إن فعالية النظام الجبائي في تمويل النموذج التنموي تجد سندها في تبني سياسة جبائية أكثر فعالية من شأنها تعبئة موارد إضافية تقدر حسب تقرير النموذج التنموي  ما بين 2 و 3 في المئة من الناتج الداخلي الخام وسيأتي ذلك من خلال تحسين العدالة الضريبية وتحسين الوعاء الضريبي وإدماج القطاع غير المهيكل دون إغفال ترشيد النفقات الجبائية بشكل عام .

وقد ختم الأستاذ مداخلته بالإشارة إلى أهم الركائز والأسس للحصول على فعالية في النقطة المرتبطة بالتمويل الذي يقوم به النظام الجبائي وكأول ركيزة وجب التقعيد لها هي المتعلقة بالحكامة المالية، وكذلك تفعيل مضامين دستور 2011 خصوصا في الشق المتعلق بالعدالة الضريبية ومبادئ الازدواج الضريبي مع قيام المؤسسات المالية بدورها الرقابي والزجري على حد سواء في تتبع الثغرات وتقويمها وكذا الأخذ بحكامة قوانين المالية بشكل يضمن ربط الشق الميداني المتعلق بالتحصيل مع الشق التدبيري المتعلق بالمساطر الإدارية والعمل على تشجيع الاستثمار ومناخ الأعمال وخلق لجنة مستقلة ساهرة على القيام بعملية التمويل وخاضعة للرقابة من طرف المحاكم المالية.

أما المداخلة الخامسة فقد كانت للأستاذ قاسم العويمري الذي تطرق إلى القطاع غير المهيكل بالمغرب دراسة لبنيته وأثاره الاجتماعية، فمن منطلق أن الاقتصاد غير المهيكل أضحى يفرض نفسه كقطاع اقتصادي يؤثر على مجموعة من الفئات الاجتماعية لأن هناك دراسات تقول أنه من بين 60 إلى 80 من الساكنة النشيطة في المغرب هي تمارس أنشطة تدخل في إطار الاقتصاد غير المهيكل وبالتالي هذا يقود إلى البحث عن تعريف للاقتصاد غير المهيكل، الذي عرفته المنظمة الدولية للعمل أنه كل تلك الأنشطة الاقتصادية للعاملين في الوحدات الاقتصادية التي لا تشملها المقتضيات والإجراءات الرسمية والمقتضيات التنظيمية، بحيث أن هذه الفئة لا تستفيد من القوانين ومن الحماية الاجتماعية في حالة وقوع بعض الاضطرابات على مستوى السيرورة في العمل أو على مستوى بعض العوارض الصحية، وهناك مكتب دولي للعمل يشير إلى أن الاقتصاد غير المنظم هو كل تلك الأنشطة التي تمارس في محلات اقتصادية، لكن غير مشمولة بالقانون وغير مشمولة بمقتضيات قانونية في كليتها أو جزئيتها، بمعنى أن هنالك صعوبة في تحديد الاقتصاد الغير منظم وتحديد الفئات وتمظهرات هذا الاقتصاد، وهو ما ينعكس بشكل سلبي على شريان الاقتصاد ويحرم من مجموعة من المزايا ومجموعة من الموارد المالية الضخمة، وخصوصا إذا ما تمت الإشارة إلى التقرير الأخير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي فالاقتصاد الوطني يخسر 4 مليار درهم كموارد مالية جراء الالتجاء إلى ظاهرة الاقتصاد غير المهيكل 

فهناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى استمرار ظاهرة الاقتصاد غير المهيكل، والتي من أهمها عدم قدرة الاقتصاد الوطني على خلق فرص عمل جديدة، فما بين سنة 2011 وسنة 2019 تم خلق 18 ألف منصب شغل بخلاف أنه ما بين 1999 و 2006 تم خلق 31 ألف منصب شغل، بمعنى أن هناك تراجع وعجز عن توفير مناصب شغل جديدة، وأيضا الاقتصاد غير المنظم يوفر مرونة واستقلالية أكثر في الاشتغال، فهناك إحصائيات مفادها أن 42.5 من الوحدات الإنتاجية منتظمة في إطار الاقتصاد غير المهيكل يعبرون على أن هناك مرونة من حيث الإستقلالية، وعدم الخضوع لرقابة الدولة أيضا المنظومة الجبائية لا تشجع وغير ملائمة بالقدر الكافي في التعاطي مع معظم الوحدات الإنتاجية غير المنظمة، وليست هناك تدابير مشجعة للانتقال من الاقتصاد غير المهيكل إلى الاقتصاد المنظم، ثم وجود منظومة حماية اجتماعية لا تساعد ولا تشمل التغطية الاجتماعية ولا تنتسب لهذا الاقتصاد غير المهيكل، وهناك من يعتبر أن الكلفة مرتفعة، وأيضا هناك صعوبات في التمويل، فمن بين العوامل التي تشجع على الاقتصاد غير المهيكل صعوبة في التمويل، بحيث أن المقاولات الذاتية والمقاولات الصغيرة، وهناك مجموعة من التدابير التي تؤدي إلى مجموعة من الانعكاسات الاجتماعية والتي تتضح بشكل كبير من خلال ما تم تداوله، بحيث تم الانتقال من 30 في المئة من الناتج الداخلي الخام وهو ما يدعو إلى التفكير والتعجيل باقتراح بدائل وتحفيزات مالية وتدابير اجتماعية تساعد على هذا الانتقال وهذا التأطير القانوني، أيضا هناك الارتفاع المتواصل لعدد الوحدات الإنتاجية الغير منظمة، وهو ما يعكس هشاشة النسيج الإنتاجي الوطني ثم أيضا الوحدات الإنتاجية من حيث التأثيرات، كما تتم ممارسة معاملات مستترة وبالتالي فهي تمارس ضغط على هاته المنظمة وتزاحمها في أرباحها، وكذلك في بقائها تواجه تلك التحديات الاقتصادية أكثر ما هي تواجه وتنافس القطاع غير المهيكل، أيضا هناك تضييع لميزانية الدولة بسبب الاقتصاد غير المنظم موارد مالية هامة، وهناك 40 مليار درهم سنة 2014، وكان بالامكان الاستفادة في خلق مشاريع تنموية تعود بالنفع على المواطنين بشكل أكبر، ثم أيضا الاشتغال على الاقتصاد غير المهيكل يؤدي إلى عدم الاستفادة من ما توفره منظومة الحماية الاجتماعية وقانون الشغل، لأنه في إطار المؤسسات غير المهيكلة يتم حرمانهم من الحماية القانونية، أيضا ما ينتجه القطاع غير المهيكل يساءل جودة الخدمات وجودة المنتوجات والسلع والبضائع التي يلمسها هذا القطاع، أيضا من  بين المؤشرات أن هناك محدودية على مستوى بعض القطاعات الاقتصادية لأنها لم تطرح تدابير وآليات تؤدي إلى التقليص من هامش التوازن بين الاقتصاد غير المهيكل، بمعنى أنه ليست هناك تدابير تشجع رؤساء الوحدات على الانتظام بشكل قانوني، وعلى مستوى الانعكاسات والتدابير التي من شأنها تقوية الاقتصاد المنظم ومحاولة الاستفادة من إطار قانوني، ويرى التقرير الذي أنجزه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنه من الضروري إنجاز الحواجز التنظيمية التي تحول دون ولوج القطاع غير المنظم إلى السوق، ثم أيضا تشجيع منتسبين لهذا القطاع في إنتاج علامات تجارية تحصل على امتياز من خلال انتظام قانوني، ثم أيضا من بين المقترحات عبر ضبطه من خلال إحداث أسواق متنقلة لفائدة الباعة المتجولين، ثم تشجيع الوحدات الإنتاجية من خلال تمكينها من فضاءات والتسويق بأسعار معقولة، وأيضا ضبط هذا المجال من خلال تعزيز المراقبة القانونية والتفتيش على مستوى الوحدات الإنتاجية وتفعيل دور مفتشية الشغل والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ثم وضع قواعد مرجعية حسب كل قطاع يسمح بتوفير آلية موضوعية لتقدير ومراقبة، بمعنى أنه من الضروري توفير قاعدة بيانات.  


عن الكاتب

عضو المركز

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

المركز الدولي للتدريب والأبحاث